lundi 3 novembre 2008

الشيبانى



الشيباني 

مشهد عام :

شارع كئيب ممتد حتى مدى البصر يبدأ بميدان كبير وإشارات مرورية كثيرة،
عربات وزحام وضجيج 
ولمسة بؤس تخيم على الحى كله، بيوت متهالكة قديمة، ووجوه متعبة لساكنيها
على الجانبين كانت البارات والمطاعم التى يتردد عليها المهاجرون، يتناثر فيما بينها
المجزرة الإسلامية، محل التليفون والأنترنت، ثم حلاق ومخبز عربي في الناحية الأخري

سكة الشيباني :
ظهر الشيبانى عند الميدان عائداً من السوق إلى بيته ثم دخل إلي الشارع،
نفس الطريق الذى إعتاده منذ أربعين عاماً
كان يحمل كيساً صغيراً به قطعة لحم، عدة حبات من البطاطس، وحزمة من عيدان النعناع الأخضر
كان يلقى التحيه لمن يعرفهم فى الطريق، يصافح البعض باليد، ويهمهم بالسلام عليكم لهذا، ولابآس لتلك 
ثم يتوقف مع شيبانى آخر، فيأخذهما الحديث الطويل عن البلاد والأهل والأحباب هناك،
وعن الصحه التي أكلتها عقود الشقاء الطويلة، ودوامة العمل اليومي المضني في مصانع فرنسا
فيؤكدان علي أنه المكتوب الذي لم يكن منه مفر، وإن حسن الختام في العودة هناك علي قدميه،
ليشم هواء البلاد قبل أن يغمض عينيه، وليدفن بجوار أبيه وأمه،
فتدمع عيناه قليلاً٠٠ثم يستأنف المسير


المكتوب :

عند هذة النقطة بالتحديد،
كان الشيباني يفكر كل مرة في عبور الطريق للناحية الأخري لشراء قرص الخبز
وكان عرض الشارع خاليا من أي عربة رغم الإشارة الحمراء
وماأن وضع قدميه علي الأسفلت وعبر بخطوة ثم الثانية حتي كانت الصدمة مفاجئة وقوية
فالعربة السيتروين الكبيرة الفائقة السرعة،خرجت من حيث لايعلم
وألقت بجسده والكيس المملوء بما إشتراه من السوق، على الأسفلت فى عرض الطريق


مشهد نهائي :

بعد تجمع الناس من حوله وهم يصرخون، ووصول عربات الإسعاف والبوليس،
لم يكن هناك مايمكن عمله، فحملوه معهم،وغادر الجميع المكان
ولم يستغرق الأمر كله وقتا طويلا حتي عادالشارع بعدها إلى ماكان عليه،
اللهم إلا بعض الرمال التى غطت بقع الدماء،
وبعيداً قليلاً،
كانت هناك حزمة نعناع فقدت لونها تحت دهس الأقدام ومرور العربات عليها

samedi 1 novembre 2008

بائع الزهور



كنت أسير بهمة لألحق بالمترو الذى يحملنى الى بيتى
أهبط سلماً كهربائياً وأصعد آخر،
وأعبر ممرات طويلة لأصل إلى رصيف هذا المترو

وفى الطريق ورغم الضوضاء
كان هناك صوت يعلو كلما إقتربت من صالة المدخل الرئيسى، 
يدعو المارة أمامه لشراء باقات الزهور المتواضعة،
والمرصوصه فى علبة من الكرتون على الأرض 

ـ مسيو،مدام، عشرة فرنك البوكيه 
مسيو مدام، عشرة فرنك البوكيه 

عندما مررت بجواره 
يبدو وكأن صبره قد نفذ من النداء،
فأصبح يكرر نداآته بعصبيه وحدة

وقبل أن أمضى فى الممرالطويل،
بدأ يسرد علي مسمع المارة، وهو يسب الجميع
كيف أنه أنفق مامعه لشراء هذه الزهور، وتحضيرها فى باقات جميلة، 
لكسب بعض النقود ليستطيع أن يأكل، وأن يدفع إيجارغرفة الفندق،
وكيف أنه لم يبع حتى الآن أيّ و احدة من هذه الباقات،
رغم وقوفه على قدميه منذ ساعات يستجدى الناس للشراء منه

كان واضحاً أن كل ركاب المترو المارين لايعنيهم بأي حال وجوده،
ولايهمهم فى قليل أو كثير مايحكيه،
وليس لديهم حتى الرغبة فى إلقاء نظرة على زهوره الذابله
فكانوا يسرعون فى خطواتهم وكأنهم لم يروه، أويسمعوه
قبل أن يختفى تماماً عن ناظرى، يبدو أن الكيّل قد فاض به،
فبدأ صوته يعلو، 
وهويلعن البشر والدنيا والسماء والأرض وكل من عليها،
وبدأ يضرب بشدة كرتونة الزهور بقدميه، فتناثرت من حوله،
وإنطلق بغيظه يهرسها بحذائه الثقيل، 
لاعنا الزمن والحياة 
التى إضطرته لسؤال هذه الجموع الغبيه من المارة الأنانيين المتسرعين
واستمر المتدفقون من ركاب المترو من حوله كسابقيهم 
وكأنهم لم يروه، أويسمعوه،
وكالعادة لم يكن يعنيهم إلا اللحاق بالمتروالخاص بهم،
فكانوا يتفادون بأدب جسد الرجل الثائر أمامهم،
ثم يمضون فى طريقهم مثلى، ومثل الآخرين
خصوصاً أن صوت الرجل بدأ يبتعد، ويفتقد الوضوح
وأنا أقترب من الرصيف الخاص بى،
ثم إختفى صوته تماماً 
تحت ضوضاء وضجة عربات المترو الداخلة الى المحطه