mercredi 6 janvier 2010

الرجل النائم











يجب أن تأتي،أعرف أن الوقت متأخر،

ولكن يجب أن تأتي،لاتبقي وحيداً،سأنتظرك

فكرت قليلاً،ثم جازفت،

ونزلت إلي الشارع،رغم الريح الشديدة البرودة،

وإستطعت أن ألحق بأخر أتوبيس يحملني لمحطة القطار



كنت الراكب الوحيد فيه،فتكومت علي إحدي المقاعد،

ونظرت في ساعتي،كفايّا مجمدتان،وجسدي يرتعد

في صالة محطة القطار،وفي ركن دافئ،

كان هناك رجلاً مغطي بالبطاطين،
ينام بعمق وسط الكراتين وأكياس الملابس،
وبعض علب الأكل المحفوظة،

وزجاجات النبيذ والبيرة ملقاة هنا وهناك

بعد أن تفحصت مواعيد القطارات

بجانب شباك التذاكر المغلق
تبينت أن آخر قطار قد رحل منذ دقائق

عندما عاودت الإتصال بي،
كنت جالسا فوق مقعدي المعدني

وحيداً في صالة المحطة،

فقلت لها،إنني لاستطيع القدوم،
ربما يوماً آخر
بعد أن أنهيت معها
لم أكن أدرى ما الذي يجب علي أن أتخذه من قرار
كنت متردداً بين البقاء هنا،

أو العودة لبيتي مشياً علي الأقدام

فبقيت في مكاني حائراً،
أراقب الرجل النائم هناك،
لاأدري ما ذا أفعل

mardi 5 janvier 2010

أُم مسعد

 




 أم مسعد ـ قصة قصيرة
 

١ـ شئ غير عادى :
كنا صغاراً نجرى هنا وهناك بمرح وإنفعال لانفهم مايجرى،
هناك شئ غير عادى يدورحولنا
لم نكن نعى بالضبط،
كنا نستغرب وجوه الكبار المهمومة والمشغولة بشئ ما خطير،
وهذة الشتائم المرسلة فجأة فى أفواههم يلعنون بها كل شئ،
وهم يحرقون السيجارة بعد الأخرى٠٠



٢ـ فى المساء :
عندما وضع جارنا شارة الدفاع المدنى الحمراء على ذراعه،
كنا نراقبه بعيون منبهرة
ثم تبعناه فى الشوارع الجانبيه،وهو ينادى على من فى البيوت ليطفئوا الأنوار،
بعد قليل كنا وحدنا،بعض الصبية ننتقل بهمة من الحارة للإخرى،
نزعق تحت شرفات البيوت ووزجاج الشبابيك المغطاة بالورق الأزرق الثقيل،
٠٠طفى النور ياولية، دة أحنا عساكر دورية



٣ـ مسعد :
كان مسعد يكبرنا بسنوات كثيرة، و كان يبادلنا الحديث والضحك أنا وأخيه الأصغر
وكنا دائما نستعطفه أن يمنحنا عجلته لندور بها دورتين حول محلج بركات،
فيرفض بحجة سيل العربيات التى تمر فى الشارع الكبير
لكنه كان يلين فى النهاية تحت إلحاح أخيه،
ويترك لنا عجلته الضخمة التمانية والعشرين،
نعافر معها بسيقاننا القصيرة، وعندما يبدأ مسعد تشحيم جنزير عجلته،
فيضعها مقلوبة على شوال الخيش، نجلس أمامه نتابع مايفعله بإهتمام وشغف
وأم مسعد التى تشاهدنا من شباك الدور الأرضى،
تناولنا في بعض الأحيان أكواب السوبيا أوالعناب المثلج لنروى عطشنا




٤ـ الحزن :
كان هناك حزن يخيم على الشارع الصغير،
فالناس متجهمة
ولعبة عساكر الدورية لم تعد مسلية،
ودراجة مسعد فى غرفة الكراكيب على سطوح بيتهم،
ومسعد نفسه لم نروجهه منذ آخر يوم فى أجازته الميرى،
لم يعد من يومها،وقالوا أنه فى عداد المفقودين،
وكان أخوه الصغير صاحبى،يبكى كلما تكلمنا عنه
حتى هذا اليوم الذى سمعنا فيه فجأة صراخ وعويل وصوات فى بيت مسعد،
ففهم كل من فى الحى أن ماكانوا يخشون منه قد حدث،
وأنهم قد تلقوا الخبر ،
فبكى البعض،
وجرت النساء ناحية بيت أم مسعد،
بينما أخذالرجال يرددون بحزن
 لاحول ولاقوة إلابالله




٥ـ منذ ذلك اليوم :
منذ ذلك اليوم
ولوقت طويل طويل،
كأن رائحة الموت والحزن قد سكنت الشارع الصغير
وفى الليل كنا نري غرفة أم مسعد مضيئة،
تمضي وقتها في قراءة القرآن،
وفي كل صلاة كانت تصلي مرتين
مرة لها،ومرة لإبنها

وفى صمت الليل في شارعنا الصغير
كان الساهرون على حواف الشرفات،
والجالسون فى ظلمة البلكونات
يسمعون صوتها يتلوالآيات، وهويتقطع ببكائها حتى يعوقها عن القراءة،
فتتوقف،...وتنخرط فى وصلة بكاء ونحيب يسمعه الجميع صامتون




سويدة

http://www.alketaba.com/index.php?option=com_k2&view=item&id=689:%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%AF%D8%A9&Itemid=147

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=198486


كنا نتناقل أخبارها كحكايات الجنية والعفاريت،نحكيها بعيون جاحظة،وكلمات ممدودة من الخوف

٠٠سويدة جاءت٠٠سويدة ذهبت٠٠سويدة كانت هنا أو هناك٠٠

أوأن سويدة عادت إلى غرفتها قبل المساء

فنقف فى الشارع،على الحائط المقابل لبيت سويدة،


رقابنا ممدوة لأعلى البيت،

نراقبها وراء ضلفة الشباك الزجاجية وهى تلمع قزازة اللمبة نمرة خمسة بورقة جورنال إستعداداً للظلام الهابط

وكانت قلوبنا تسقط فى أرجلنا عندما نتابع ظلها خلف زجاج الشباك المكسوريصغر ثم يتضخم وهى تحرك فتيل اللمبة قبل وضعها على السحارة الخشبية الكبيرة

٠٠٠٠٠٠٠٠٠

فى النهار كنا أكثر شجاعة فى مواجهتها


ننتظرخروجها من بيت ميسو التمرجى،

وماأن نرى هيكلها يتقدم بخطوات ثابتة مسرعة ناحية سوق سيدى عمر،كنا ننطلق بهتافنا وأغنيتنا


ياسويدة ياوش القملة مين قالك تعملى دى العملة!٠
ياسويدة ياإيد الهون مين قالك تعملى تليفون!٠

فكانت تسرع أكثر فى خطواتها،لتتوارى عنا،دون أن نجرؤ على متابعتها

كنا نخاف من زعيقها الحاد،وصوتها القاسى،ولانفهم الكثير من كلماتها القصيرة المتوعدة،

ولكننا كنا نلتقط بآذاننا الصغيرة،بعض ماتقوله،ونظل نحكى ساعات طويلة

ونقلدها بنظرتها القاسية والفاظها الصلبة،ونردد بأصواتنا الطفولية الرفيعة


هَملونى ياكلاب هَملونى


٠٠٠٠٠٠٠٠٠


عندما كنت أحكى لأمى بخوف عنها،

كانت تطلب منى أن ننهد أنا وأصحابى ولانضايق المرأة الغلبانة

ولم تكن أمى،هى ونساء الحارة،يعرفون أكثر مما نعرف،

فبرغم أن سويدةكانت تساعدهم بخبز العيش البيتى،

وكانت هى التى تجلس أمام الفرن البلدى طوال فترة الخبيز،مقابل ربع جنيه،ومشنة كبيرة من العيش الطرى والناشف،

إلا أن نساء الحارة،كرجالها،كأطفالها لم يكونوا فى الحقيقة يدرون من أمرها شيئا،

وكانت سويدة العجوزة السوداء،الطويلة القامة العجفاء،القاسية الملامح والنظرات لغزاً كبيراً لحارتنا


٠٠٠٠٠٠٠٠٠

حتى هذا اليوم،


الذى رأينا فيه عم فرج،بائع الفول السودانى يدخل الحارة،

ويعلن،وهو يخاطب الست أنيسة التى

تنفض الكليم على حافة شباكها


٠٠تعرفى،الولية سويدة طلعت قتالة قتلا وشربت من دم الراجل!٠


وكانت صوته عالياً ومتهدجاً من الإنفعال والكل يلتف من حوله

وكنا نحن الأطفال نستمع بكل جوارحنا،
ففهمنا،
 أن المرأة الصعيدية التى تقطن حارتنا منذ شهور،

قضت سنواتها الأخيرة،مابين الإسكندرية،وطنطا،ودمنهور،تبحث عن قاتل إبنها فى ثأر بائت،

وأنها أقسمت على أن ثأر هذا الإبن لن يأخذه أحداً غيرها،

ولم تكن تسير إلاوسكينها الحاد مطوى فى قطعة قماش مخفى فى جيب فستانها الأسود

كانت تعيش من خبز العيش لأهل الحارة بعض الوقت،لكنها كانت تمضى بقية يومها فى تعقب خطوات قاتل إبنها،

حتى هذا اليوم الذى رأته فى زحام سوق السوسى ينزل بجسمه ليحاور أحد الباعة،

فأنطلقت ناحيته وبركت عليه بجسمها الناشف النحيل،
ولكن كانت بغلها وحقد السنين التى إجترته،كقدر لامفر منه للرجل الساقط على الأرض،

وهى تطعنه فى قلبه بسكينتها الحادة المسنونة


وأضاف عم فرج

٠٠والله شربت من دم الراجل السايح،وسحبوها على الكراكون وهى بتشر دم

٠٠٠٠٠٠٠

منذ ذلك اليوم،دخلت سويدة فى سجل الأساطير والحكايات التى نحكيها تحت عمود النوربالليل فى حارتنا،

نحكى ونعيد تفاصيل الشهور التى قضتها فى حارتنا،


ونعيد ونزيد فى تفاصيل حكاية عم فرج،

صحيح أنه كنا نزال نخاف من إسمها وذكراها،

إلا أننا كنا نتكلم عنها من ذلك اليوم بإجلال وإحترام